المؤلّف:جوزيف ال باداراكو 5 أسئلة دائمة لحل اصعب مشكلاتك في العمل تاريخ النشر:2018 عدد الصفحات:197 صفحة
كلما تحملت المزيد من المسئولية في العمل والحياة، زاد تكرار ما تواجهه من مشكلات المنطقة الضبابية، وهذه المشكلات تأتي في جميع الأشكال والأحجام. على سبيل المثال، بعضها كبير، ومعقد، وغير متكرر. في وقت لاحق في هذا الكتاب، سنبحث بالتفصيل موقفًا واجهه الرئيس التنفيذي لشركة صغيرة للتكنولوجيا الحيوية عرف أن أحد الأدوية الجديدة الذي تشتد الحاجة إليه قد يكون متورطًا في مرض دماغي نادر جدًا، لكنه فتاك. كان عليه أن يقرر ما يجب القيام به، على الرغم من أنه افتقر إلى حقائق حرجة أو حتى تعريف واضح للمشكلة.
في المقابل، هناك مشكلات منطقة ضبابية أخرى تكون على نطاق صغير، لكن هذا لا يجعلها سهلة أو غير مهمة. في فصل لاحق، سنبحث موقفًا واجه مديرة كبيرة في شركة متوسطة الحجم. كانت تشارك مساعدة تنفيذية مع ثلاثة مديرين. عملت المساعدة في الشركة لأكثر من ثلاثين عامًا، وكان لديها سجل قوي، لكن عملها تراجع بشدة لعدة أشهر. لم يكن أحد يعرف السبب. المديرون الآخرون الذين اعتمدوا عليها أرادوا السماح لها بالذهاب، لكن المديرة الكبيرة كانت لديها مخاوف جدية من أن نهج الموارد البشرية الاعتيادي -في منح المساعدة أسبوعين كإشعار وحزمة تعويض نهاية خدمة صغيرة- قد يسبب لها ضررًا لا رجعة فيه. لكن تلك المخاوف لم تخبر المديرة الكبيرة شيئًا عما يجب أن تفعله بخصوص المساعِدة، والعمل الذي لا يتم إنجازه، أو بخصوص عدم موافقتها مع المديرين الآخرين.
ما تشترك فيه جميع المناطق الضبابية، سواء أكانت رئيسية أم ثانوية، هي الطريقة التي نعايشها بها. عندما تواجه مشكلة منطقة ضبابية، تكون قد قمت عادة بالكثير من العمل الصعب، بنفسك ومع أشخاص آخرين في الغالب، لفهم إحدى المشكلات أو المواقف. تكون قد جمعت كل البيانات، والمعلومات، ومشورة الخبراء التي يمكنك الحصول عليها بشكل معقول. وتكون قد حللت كل شيء بعناية. لكن هناك حقائق مهمة لا تزال مفقودة، وأشخاص تعرفهم وتثق بهم لا يوافقون على ما يجب فعله. وتظل تعيد في عقلك مرارًا وتكرارًا ما يحدث حقًا، وتفكر في الخطوات التالية الصحيحة.
يمكن أن تكون هذه المواقف فخاخًا خطيرة، نسخًا تنظيمية من حفر القطران البدائية التي ابتلعت النمور المخيفة ذات الأسنان المسننة. يمكنك بسهولة أن تغوص في منطقة ضبابية بينما تحاول معرفة ما يجري. أو حتى أسوأ من ذلك، يمكنك أن تضيع أو يصيبك العجز أمام التعقيدات والشكوك. من ناحية أخرى، إذا تصرفت بسرعة كبيرة جدًا، يمكن أن ترتكب أخطاء لها عواقب وخيمة: ويتأذى أشخاص آخرون ويعاني الأداء، وتتعطل حياتك المهنية.
المناطق الضبابية اليوم محفوفة بالمخاطر بشكل خاص، بسبب قوة مغرية من التقنيات التحليلية. العديد من المشكلات الصعبة التي تواجه المديرين والشركات الآن تتطلب تقنيات متطورة لتحليل كميات هائلة من المعلومات. إنه من المغري التفكير في أنه إذا كنت تستطيع فقط الحصول على المعلومات الصحيحة واستخدام التحليلات الصحيحة، يمكنك اتخاذ القرار الصحيح. ويمكن أيضًا أن يكون من المغري أن تختبئ من القرارات الصعبة، أو تكتم ممارسة السلطة من خلال إخبار الآخرين أن الأرقام تحكي القصة كلها، وأنه لا يوجد أي خيار حول ما يجب التفكير به أو عمله. لكن المشكلات الخطيرة عادة ما تكون ضبابية. الأدوات والتقنيات وحدها لن تعطيك إجابات. عليك أن تستخدم حكمك وتتخذ الخيارات الصعبة.
هذه الخيارات غالبًا ما تأتي مع مخاطر عاطفية ونفسية خطيرة. عندما تواجه قرارات صعبة حقًا، لن تكون هناك وسيلة للهروب من المسئولية الشخصية للاختيار، والالتزام والتصرف والعيش مع النتائج المترتبة على ذلك. طالب ماجستير في إدارة الأعمال وصف هذا التحدي بقوله: "لا أريد أن أكون رجل أعمال يدعي أنه إنسان محترم. أريد أن أكون إنسانًا محترمًا يدعي أنه رجل أعمال".
من ناحية أخرى، عند مواجهة هذه التحديات وحل إحدى مشكلات المنطقة الضبابية بنجاح، فأنت تقدم إسهامات مهمة حقًا لمنظمتك، ولأشخاص آخرين، ولمهنتك، ولإحساسك بنفسك. المشكلات الصعبة والفوضوية، وعالية المخاطر يتم تفويضها لمناصب أعلى في المنظمات، وينتهي بها الأمر على مكاتب المديرين. عد للحظة إلى موقف الموظفة الأكبر سنًا، واسأل نفسك ماذا كنت ستفعل. عمل مساعدتك كان يتدهور لعدة أشهر، وأنت لا تعرف السبب، وربما هي أيضًا لا تعرف. القوانين، واللوائح، وسياسات الشركة تضع معايير لما يمكنك القيام به، لكنك لا تزال تواجه بعض الأسئلة الصعبة للغاية.