ي غفلة من الجميع، غرقَتْ فتاةٌ في السوداويّة دون أن تملك من أمرها شيئًا. وحين اكتمل العدمُ من حولها رأفَ القدرُ لحالها بأن وضعَها على طريق الفلسفة. لكن كيف يمكن لِمَا يُجذّر الوعي بالمحن والتّناقضات أن يكون في الآن ذاته تِرياقًا؟ وأيّ دلالةٍ للرأفة ضمن هذه المفارَقة الصارخة؟
لا يبدو أنّ هذه الأسئلة تحتاج إلى أجوبة بقدرمَا تحتاج إلى التّجربة. تجربة سقراط وسيزيف، مثلًا. فثمّة يكمُن سرّ التّعاليم الخالدة، وتكمُن أيضا سُبل الخلاص.
تحت هَدي تلك التّعاليم، تُعيد جولي ترمبلاي، الّتي نُحِتت من المعاناة، تشريح الكينونة كما تُعيد النّظر في التّجارب المُرتبطة بها: الحبّ، الألم، الصّداقة، الانتحار، العائلة، الموت، الاستهلاك… دون أن تغفل عن تجارب رفاقها في التّعاسة.
لكي تتبيّن العلّة الأصليّة للمأساة. كان يكفي هذه المرأة، الّتي صارت صديقة للمُخدِّرات وأشرفت على الانتحار، تحويل وجهة النظر، تلك التّقنية الثّمينة الّتي أهدتها إيّاها الفلسفة، من بين ما أهدتها، عندما قرّرت أن «تعرف نفسها بنفسها». وفي تلك اللّحظة تعقّلت حجم الأخطاء والأوهام الميتافيزقيّة الّتي يُقيم داخلها الإنسان.