تسأل بسنت كلّا منا عن أكثر صفة يحبها في الناس.
بسرعة يرد سعيد: الوفاء؛ الوفاء يتيح لك أن تسير في العالم بشعور أنك محمي، وغير قابل للانكسار. يقول فادي إنه لا يعرف الكلمة الدقيقة، لكنه يحب الأشخاص الذين يمكنك دومًا أن تعرف مزاجهم دون أن تُضطَر إلى نزع أقنعتهم واحدًا تلو الآخر، هذا الوضوح، أو الشفافية، أو القدرة على الانكشاف، هو ما يتيح لك أن تأمن لشخص ما. تقول بسنت إنها عن نفسها تحب هؤلاء المستعدين للتضحية؛ ليس لأنهم يسبغون حمايتهم علينا، ولكن لأنه لا معنى أن يختارك شخص ما ومعياره الوحيد هو المكسب، الاستعداد للخسارة، هو ما يجعل أي علاقة إنسانية أكثر من مجرد حسابات.
يقول مجدي إنه الحنان؛ لأننا جرحى نحتاج إلى الرعاية. أقول إن رهاني كله على الكرم. تقول مروة إنه الانطلاق، تحب الأشخاص المنطلقين؛ لأن من دونهم نظل سجناء مواطن أقدامنا. تقول هبة إنها المسؤولية؛ لا يمكن أبدًا مصادقة أحد لا يمكن الوثوق بإحساسه بالمسؤولية. تقول يسرا إنها تشعر أننا اخترنا كل الاختيارات بالفعل، وهي لذلك ستعود إلى البديهيات، ما تحبه في أي شخص أن يكون موجودًا. يصفق سعيد، يضحك.
يهرب راوي هذه الرواية من أزماته إلى بيوت أصدقائه وإلى ذاكرته. يتأمل بلال علاء من خلال رحلة الراوي وجود الأصدقاء وغيابهم، وكيف تشيد الصداقات وتستمر أو تنهار، ويستكشف كيف يمكننا أصلا أن نقيم علاقة مع آخر رغم متاهات الواقع واللغة والذاكرة.